مقدمة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:

السلام عليكم ورحمة الله، حياكم الله في هذه المدونة المهتمة بالمفردات القديمة المندثرة، وجمعها ورصدها في السياق ورصد جغرافيتها من جميع لهجات الجزيرة العربية؛ حجازها ونجدها وتهائمها ويمنها وعروضها. وقد يغلب على هذه المدونة وجود لهجات أهل السراة بحكم نشأتي بهذه الأرض. ومعرفتي الجيدة بها، وكون أغلب المادة التي جمعتها من هذه المنطقة، لكني سأذكر إن شاء الله ما لاحظته مما في المناطق الأخرى من فوارق ومتشابهات وغيرها.

إن اللغة العربية هي أشرف وأغلى اللغات والألسن متمثلة في القرآن الكريم الذي تكلم به الله سبحانه، وهي أيضاً لغة المصطفى محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم هي بعد ذلك لغة العرب التي لابد لهم من أن يعتزوا بها ويحافظوا عليها ويصونوها من اللحن والتصحيف والرطانة وإهمال المفردة الذي يؤدي في النهاية إلى اندثارالكلمة وموتها، ويؤدي إلى إحلال اللفظ الأعجمي بدلاً من اللفظة المفقودة المجهولة، أو حلول التراكيب الركيكة المترجمة لوصف شيء له مسمى قديم فصيح بلفظة واحدة. وقد تلاحظون جميعاً كثرة ما يخالط كلامنا الآن من لحن ورطانة أعجمية وتراكيب ركيكة في المفردات والأساليب والمسميات.

واللهجات العربية هي جماع ما في العربية من مفردات، وموطن هذه اللهجات جزيرة العرب. وفيها بينهم متطابق كثير ومتفاوت، فتجد الحجازي عنده مفردات ليست عند النجدي، وتجد التهامي له مفردات ليست عند الحجازي، وفوق ذلك فهم يتفاوتون جميعاً في النبرة والصوت بحسب بيئتهم، وعندما نزل القرآن نزل بنبرة كلام قريش القبيلة والموضع، ولكن مفرداته كانت مما يقوله النجدي والحجازي والتهامي بل ومما يعرفه العرب من لغة قديمة تشبه ألفاظ عاد وطسم وثمود والأنباط التي نجدها في كتاباتهم وبقيت حية عند بعض الأمم الذين تأثروا بها قديماً كالأحباش الذين يسمون الأسد قسورة، والفرس وعرب الشمال الذين ينطقون ببعض العربية القديمة أيضاً مما يغلب عليه التركيب بين كلمتين ككلمة سندس وإستبرق وإبراهيم وبابل، والله أعلم.

وقد رأيت أن أجعل جميع ما أدونه هنا قائم على جميع ما عايشته وعرفته صغيراً، وما سألت عنه ولاحظته كبيراً، من مفردةٍ أو مسمى أو عبارةٍ أو مثلٍ ونحوه مما يجري سليقةً على لسان أهل تلك الديار في البيت وفي السوق وفي المزرعة وفي المجامع والمناسبات وجميع شؤون الحياة المختلفة.

وأحب أن أشير هنا إلى أن بعض المفردات النادرة التي ينطق بها في موضع معين، نجدها منطوقة أيضاً بموضع آخر بعيد. فلذلك يجب التنبه إلى أنه عندما نذكر مفردة معينة في هذه المدونة تحت مسمى لهجة معينة، فذلك لا يعني حصر موضع وجغرافية الكلمة بتلك الأرض، إذ أن ذكرها يعني رصد استعمالها بهذا الموضع أو ذلك، بغض النظر عما إذا كانت منطوقة في بلد آخر.

ولا شك أن هناك كلمات تكون محصورة عند قوم دون غيرهم نظراً لتوارث استخدامها بينهم، أو لوجود حاجة أو أداةٍ أو فنٍ محصور بهذه الأرض، فلا شك أن غياب الفن أو الحرفة عن موضع يغيّب معه ألفاظه المقتضية له.

وارجوا للقارئ الكريم الاستفادة والإنتفاع، وارجوا منه بسط آراءه وملاحظاته وتصويـباته في التعليقات التي جعلت تخصيصها مفتوح للجميع ولو لم يكن عضواً بالموقع، والشكر مقبول.

نرجوا من الله التوفيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق